تجدد الحريق في سنترال رمسيس أثار الكثير من التساؤلات لدى المواطنين، خاصة بعد أيام قليلة فقط من السيطرة على الحريق الأول الذي اندلع في المبنى بداية الأسبوع. يعتبر سنترال رمسيس من المنشآت الحيوية في البنية التحتية للاتصالات في مصر، وتكرار الحريق فيه يدق ناقوس الخطر حول مدى تأمين هذه المنشآت الاستراتيجية بعد الكوارث. وتحدث العديد من الخبراء التقنيين عن الأسباب الفنية والبيئية التي قد تفسر تجدد النيران، وعلى رأسهم المهندس محمد مغربي، استشاري التأمين والذكاء الاصطناعي، الذي أوضح عدة عوامل محتملة لهذا الاشتعال المتجدد. ويبدو أن الأضرار الناجمة عن الحريق الأول، إلى جانب التحديات التقنية الخاصة بطبيعة المبنى واستخدام المياه في الإطفاء، قد تسببت في تهيئة الظروف لنشوب حريق جديد. نستعرض في هذا المقال الأسباب التفصيلية لتجدد الحريق، وما يجب اتخاذه لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
بقاء الحرارة تحت الأسطح: “النار تحت الرماد”
من أبرز الأسباب التي شرحها الخبراء لتجدد الحريق في سنترال رمسيس هو ما يُعرف اصطلاحًا بظاهرة “النار تحت الرماد”. وأوضح المهندس محمد مغربي أن المباني المليئة بالأجهزة الإلكترونية والكابلات مثل السنترالات، تحتفظ بحرارة عالية في بعض الأجزاء الداخلية حتى بعد إخماد النيران. هذه الحرارة قد تكون كامنة تحت الأرضيات أو داخل الجدران، ومع أي تحفيز بسيط، مثل زيادة درجات الحرارة أو دخول الهواء، يمكن أن تعود النيران للاشتعال مجددًا.
محمد النني بين أفضل 12 لاعبًا أفريقيًا بتاريخ أرسنال
شروط تسجيل الأرملة في الضمان الاجتماعي المطور 1445
أسعار الأسمنت اليوم في مصر الأربعاء 30 أبريل 2025
عملية التبريد بعد إخماد الحريق تحتاج إلى دقة شديدة، خاصة في مبنى بحجم وتعقيد سنترال رمسيس، حيث يصعب الوصول لكل الزوايا الداخلية. وإذا لم يتم التبريد الكامل، فإن احتمالات تجدد الحريق تظل قائمة، وهو ما حدث بالفعل في الحالة الحالية.
أضرار استخدام المياه في الإطفاء
رغم أن المياه تُستخدم عادةً لإخماد الحرائق، فإن استخدامها في بيئة مليئة بالأجهزة الكهربائية يحمل معه مخاطراً كبيرة. المهندس مغربي أكد أن المياه قد تتسرب إلى داخل لوحات الكهرباء أو أجهزة الفايبر أو وحدات التغذية الكهربائية الموجودة تحت الأرضيات المعلقة.
هذا التسرب لا يسبب فقط تلف الأجهزة، بل قد يؤدي إلى حدوث قفلة كهربائية أو “شرارة” عند إعادة توصيل التيار، وهذه الشرارة تكفي لإشعال حريق جديد. المشكلة أن هذه القفلات الكهربائية لا تظهر فورًا، بل يتم اكتشافها أثناء اختبارات التشغيل، مما يعني أن الخطر لا يكون واضحًا إلا بعد فوات الأوان.
ضعف العوازل وتأثير الحرارة الأولى
الحريق الأول تسبب في أضرار كبيرة للبنية الداخلية لمكونات السنترال، ومن بين تلك الأضرار حدوث ضعف في عوازل الكابلات أو شرخ في أجزاء معدنية. هذه الأضرار لا يمكن رؤيتها بسهولة، لكنها تترك أثرًا يجعل هذه الأجزاء أكثر عرضة للاشتعال لاحقًا.
كما أوضح الخبير أن الحرارة المرتفعة قد تتسبب في إضعاف الهيكل الإلكتروني والمعدني، ومع أول محاولة لإعادة التيار الكهربائي، قد تحدث ارتفاعات حرارية شديدة تؤدي بدورها إلى حريق جديد. لذلك فإن إعادة التشغيل بعد حادث حريق يتطلب فحصًا معمقًا ومطولًا لكل المكونات، وهو أمر لم يكن من الممكن إتمامه خلال أيام قليلة.
تعقيدات الفحص الفني بعد الحريق
عملية الفحص الفني بعد الحريق تحتاج إلى أدوات دقيقة وكوادر متخصصة، خاصة في منشأة حيوية مثل سنترال رمسيس. وتكمن الصعوبة في أن بعض الأضرار لا تظهر إلا عند التشغيل أو تحت ضغوط معينة. على سبيل المثال، الشرائح الإلكترونية قد تتأثر دون أن تظهر بها علامات حريق خارجية، ولكنها تتلف عند التشغيل.
كما أن البنية التحتية التي تعتمد على تكنولوجيا الفايبر والألياف البصرية تحتاج إلى فحص خاص، لأن أي خلل بسيط قد يؤثر على السلامة العامة. في ظل الضغط لإعادة تشغيل السنترال في أسرع وقت، قد يتم التغاضي عن بعض خطوات الفحص الدقيقة، ما يؤدي إلى عودة النيران مجددًا.
مقارنة بين الحريق الأول والثاني
أشار الخبراء إلى أن الحريق الثاني كان أقل حجمًا من الحريق الأول، إلا أنه كان كاشفًا لوجود مشكلات بنيوية لم يتم حلها بعد. فمن الواضح أن هناك أجزاءً في السنترال لا تزال تحت تأثير الحريق الأول ولم تُعالج بالشكل الكافي. ورغم السيطرة على الحريق بسرعة هذه المرة، إلا أن ذلك يُظهر أن إجراءات التأمين لم تكن شاملة.
ويؤكد المهندس مغربي أن الفرق بين الحريقين ليس في الأسباب الجوهرية، بل في التوقيت وحجم الانتشار، وهو ما يستدعي إعادة تقييم كاملة لمنظومة التأمين داخل المنشآت الحيوية، خصوصًا تلك التي تعتمد على الكهرباء والتكنولوجيا بشكل كثيف.
خطوات ضرورية لتأمين السنترالات مستقبلًا
لحماية المنشآت مثل سنترال رمسيس من الحوادث المتكررة، لا بد من اعتماد إجراءات تأمين صارمة تبدأ من لحظة إخماد الحريق الأول. أولى هذه الإجراءات هي التبريد الدقيق باستخدام معدات متطورة تتيح رصد النقاط الساخنة بالحرارة.
ثانيًا، يجب منع إعادة تشغيل أي جزء كهربائي قبل إجراء فحص شامل باستخدام أجهزة قياس كهربائي وحراري. كما يُنصح باستخدام أنظمة إنذار مبكر للكشف عن أي تسريبات أو تغيرات حرارية. إضافة إلى ذلك، يتوجب تدريب فرق الطوارئ على التعامل مع المكونات الإلكترونية والكهربائية بشكل دقيق.
كما أن التعاقد مع شركات متخصصة في صيانة وفحص المنشآت الحيوية هو إجراء ضروري، لضمان فاعلية خطط الطوارئ والاستجابة السريعة لأي مشكلات محتملة.